يعالج هذا الكتاب ثلاث قضايا مركزية في علم علل الحديث، وهي: الشاذ، والمنكر، وزيادة الثقة، وذلك من خلال موازنة علمية دقيقة بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين في التعامل مع هذه المصطلحات. ركّز “عبد القادر مصطفى المحمدي” على تحرير هذه المصطلحات كما وردت في أقوال النقاد الأوائل، من أمثال أحمد بن حنبل، والبخاري، ويحيى بن معين، والنسائي، وغيرهم، مبينًا أنهم لم يكونوا يحكمون على الأحاديث بناءً على التعريفات المدرسية المتأخرة، بل بناءً على قراءة نقدية دقيقة للسياقات والأسانيد والمتون مجتمعة. وقد تتبع المؤلف نصوصًا كثيرة من كتب العلل والتواريخ والسنن ليكشف عن الفروقات المنهجية بين المدرستين، ويُظهر أن بعض التطبيقات المعاصرة قد بُنِيت على فهمٍ مغاير لمنهج المتقدمين. ومن أبرز ما ناقشه الكتاب أن مصطلح “زيادة الثقة” لم يكن عند الأئمة المتقدمين مصطلحًا اصطلاحيًا يُحتج به بإطلاق، بل كانوا يتعاملون مع الزيادة باعتبارها أحد وجوه التعارض، يُنظر فيها إلى حال الراوي، ومقدار الضبط، وموافقة الثقات، ومعارضة الأقران. كما بيّن أن وصف “الشذوذ” و”النكارة” عند المتقدمين لا ينحصر في مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى فحص الرواية من حيث التفرد والنكارة في المتن والمعنى، مما يجعل الحكم النقدي مبنيًا على قراءة شاملة متكاملة. وبذلك يهدف المؤلف إلى إعادة ضبط المفاهيم الحديثية على ضوء منهج المتقدمين، وإبراز دقة صناعتهم الحديثية التي قامت على استقراء عميق وخبرة عملية، لا على قواعد جامدة.
اضغط على إحدى أسماء أدوار النشر التالية لعرض روابط القراءة والتحميل الخاصة بها: