يتألف هذا الكتاب من قاعدتين علميتين مستقلتين حررهما “تاج الدين السبكي”، تناول في الأولى أصول علم الجرح والتعديل، فبيّن مقاصده ومجالاته، وأصوله الكلية، وأثره في قبول الأخبار وردها، مع التنبيه على منازل النقاد وشروط الجارح والمعدّل. ناقش فيها أقوال الأئمة في اشتراط العدالة، وتفاوت مراتب الجرح، وموقف المحدّث من اختلاف النقاد، مع توجيه نقدي لتوسعات بعضهم وخلافاتهم في أسباب الجرح، وتأكيده على ضرورة الفقه بالمصطلح لا مجرد النقل. أما القاعدة الثانية فخُصصت لبيان منهج المؤرخين في النقد والتوثيق، وأبرز فيها “السبكي” الفرق بين أهل الحديث والمؤرخين من حيث التحرير، والمقاييس، وغلبة الحفظ أو التساهل، فتناول أوجه الاتفاق والافتراق بينهما، محذرًا من النقل المجرد دون تثبت، وموضحًا أثر ذلك في كتب التراجم والتاريخ. يتميّز هذا الكتاب بحدة نقده، ووضوح لغته، وتحرير مسائله الدقيقة، مما يجعله من الكتب المختصرة النافعة في تقويم مناهج الجرح والتاريخ عند المتأخرين.