يُعد كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل من أبرز كتب الرقائق التي تُعنى بتزكية النفس والترغيب في الآخرة، حيث جمع فيه جملة كبيرة من آثار الزهاد والعباد من الأنبياء والمرسلين، والصحابة والتابعين، ومن بعدهم من السلف الصالح. يعرض الكتاب مواقفهم ومواعظهم وأخبارهم في الزهد، والتقلل من الدنيا، والإقبال على الله عز وجل، مما يجعله مرجعًا في السلوك والتربية الإيمانية. بدأ الإمام أحمد الكتاب بذكر زهد عدد من الأنبياء، مثل يونس وسليمان وأيوب وموسى وعيسى وإبراهيم وغيرهم عليهم السلام، مبينًا مواقفهم في الصبر والتوكل والتجرد من الدنيا. ثم انتقل إلى أخبار الصحابة، كأبي بكر، وعمر، وعلي، وعثمان، وأبي ذر، وسلمان الفارسي، وعائشة، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، مسلطًا الضوء على زهدهم وعبادتهم وتواضعهم. كما يورد الكتاب أخبارًا كثيرة عن التابعين والعباد، مثل الحسن البصري، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، وأويس القرني، وطاوس، وغيرهم من أعلام الزهد والورع، بأسلوب قصصي موجز، ينقل المواقف والعبر دون تعليق أو تحليل. يمتاز الكتاب بسنده المتصل إلى الرواة، مما يجعله مصدرًا أصيلًا في المرويات الأثرية، ويعكس جانبًا من اهتمام الإمام أحمد بالتربية الإيمانية، كما يمثل ركيزة في أدب الزهد الإسلامي، ويصلح أن يكون زادًا للمؤمن في تهذيب النفس والتذكير بحقيقة الدنيا والآخرة.