يتضمن هذا الكتاب دراسة علمية تناولت مفهوم السبر كأحد الآليات الدقيقة التي اعتمدها المحدّثون في تحليل الروايات وتمييز مراتبها. ينطلق “عبد الكريم بن محمد جراد” من تعريف السبر باعتباره عملية استقصاء واستقراء لأقوال متعددة أو روايات مختلفة؛ بهدف الوقوف على الأرجح منها أو الأصح سندًا أو متنًا، وقد بسط القول في الفرق بين السبر العقلي والسبر النقلي، موضحًا كيف تجلى هذا المنهج في كتب الجرح والتعديل وكتب العلل، مع تحليلٍ دقيق لأثر السبر في التصحيح والتضعيف. وتناول المؤلف تطبيقات السبر في الحكم على الأسانيد والمتون، كاشفًا عن مظاهره في قواعد علوم الحديث من الترجيح بين الروايات، والتفريق بين الشاذ والمنكر، والتمييز بين زيادة الثقة وغيرها من الأنواع. كما أورد نماذج من اجتهادات أئمة الحديث في استخدام هذا المنهج، مثل البخاري، ومسلم، وابن أبي حاتم، وغيرهم، مستعرضًا أمثلة تطبيقية تؤكد أهمية السبر في الكشف عن الدقائق الحديثية التي لا تُدرك إلا بتأملٍ عميق وتتبعٍ منهجي. يبرز الكتاب قيمة السبر كأداة منهجية تسهم في بناء الحكم الحديثي على أساس من التحقيق والتمحيص.