خصّ الإمام “ابن الصلاح” كتاب “صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط” لتحقيق مواضع محددة في “صحيح مسلم”، متناولًا ما نُسب إليه من أوهام أو سقطات من جهة الرواية أو الدراية. وقد التزم “ابن الصلاح” بمنهج النقد التفصيلي، حيث عمد إلى تتبع الأحاديث رواية رواية، مستندًا إلى الطرق والمقابلات والمقارنات، وكشف عن مواضع السهو أو الإغفال التي وقعت إمّا من النساخ أو من الرواة، مؤكدًا في الوقت ذاته على جلالة الكتاب وأصالته. ومن خلال منهجه الدقيق، أعاد ابن الصلاح الاعتبار لصحيح مسلم، مثبتًا صيانته عمّا رُمي به، وذلك عبر سرد مسائل بعينها، ثم الرد عليها وردّ الاعتبار للكتاب ومصنّفه من خلال أصول الصناعة الحديثية. اتسم هذا العمل بالصرامة العلمية، حيث لم يقبل ابن الصلاح الاعتراضات إلا بعد الموازنة الدقيقة والاستقراء الواسع، معتمدًا على ما وقف عليه من أصول أو روايات مقابَلة، فأبطل دعاوى التحريف أو النقص أو الاختلاف المخلّ، وبذلك جمع بين الذب عن السنّة والإنصاف في النقل، مقدّمًا أنموذجًا في التحقيق الميداني المتّصل بالمخطوطات ومرويات الأئمة.
اضغط على إحدى أسماء أدوار النشر التالية لعرض روابط القراءة والتحميل الخاصة بها: