حظيت “مقامات الحريري” بكم كبير من الشروحات والتعليقات، أحصى منها صاحب كشف الطنون “حاجي خليفة” أكثر من خمسن وثلاثين شرحًا، ويعود كثرة الشروحات إلى ما زخرت به المقالات من الألفاظ، والأمثال، والأحاجي والألغاز، والنكت النحوية والبلاغية، مما يجعلها ميدانًا رحبًا للشرح والتفسير والاستطراد. ويُعتبر هذا الشرح الذي بين أيدينا من أهم الشروحات وأغزرها، وقد وضعه العلامة أحمد بن عبد المؤمن القيسي الشربشي الذي يقول: “لم أدع كتابًا أُلِّف في شرح ألفاظها وإيضاح أغراضها إلا وعيته نظرًا، وتحققته معتبرًا ومختبرًا، وترددت في تفهمه وردًا وصدرًا، وعكفت على استيفائه بسيطًا كان أو مختصرًا، ولم أترك في كتاب منها فائدة إلا استخرجتها ولا نكتة إلا علقتها ولا غريبة إلا استلحقتها فاجتمع من ذلك حفظًا وخطًا أعلاق جمة، وفوائد لم تهتم بها قبله همة، ثم لم أقنع بتدوين الدواوين، ولا اقتصرت على توقيف التصانيف، حتى لقيت بها صدور الأمصار وعلماء الأعصار”. وقد قام الشارح بالتعريف بالبلدان والأمصار المذكورة في المقامات، ثم شرح غريب الألفاظ والأمثال، ووضع تراجم وافية للمشهورين من الأدباء والأمراء والقادة والشعراء، وكان للشعر الأندلسي نصيب وافر حيث أورد مجموعة كبيرة منه.
اضغط على إحدى أسماء أدوار النشر التالية لعرض روابط القراءة والتحميل الخاصة بها: