الشيخ نعمان عبد الرزاق السامرائي: عالم صالح ورِع، من المفكِّرين الإسلاميين، والدعاة المربِّين، يمتاز بعقل راجح وحكمة ورزانة، مع لطف وحِلم وسَعة صدر، وحرصٍ على المعالي، وترفُّع عن كلِّ تافه سَفساف، ورغبة عن اللغو والكلام في غير علم أو نُصح مفيد. نسبه: السيِّد الشريف أبو منذر نعمانُ بن عبد الرزَّاق بن صالح بن عَلُّوش (علي) بن جدوع بن حبيب الحسَني السامَرَّائي، يرجع نسبُه إلى الإمام الحسن المثنَّى بن الحسن السِّبط ابن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه. محطَّات من سيرته: ♦ وُلد في حيِّ القاطول بمدينة سُرَّ مَن رأى (سامَرَّاء) بالعراق عام 1346هـ/ 1928م. ♦ التحقَ بالدفعة ... عرض المزيد
الشيخ نعمان عبد الرزاق السامرائي: عالم صالح ورِع، من المفكِّرين الإسلاميين، والدعاة المربِّين، يمتاز بعقل راجح وحكمة ورزانة، مع لطف وحِلم وسَعة صدر، وحرصٍ على المعالي، وترفُّع عن كلِّ تافه سَفساف، ورغبة عن اللغو والكلام في غير علم أو نُصح مفيد.
نسبه:
السيِّد الشريف أبو منذر نعمانُ بن عبد الرزَّاق بن صالح بن عَلُّوش (علي) بن جدوع بن حبيب الحسَني السامَرَّائي، يرجع نسبُه إلى الإمام الحسن المثنَّى بن الحسن السِّبط ابن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
محطَّات من سيرته:
♦ وُلد في حيِّ القاطول بمدينة سُرَّ مَن رأى (سامَرَّاء) بالعراق عام 1346هـ/ 1928م.
♦ التحقَ بالدفعة الأولى من طلاب كلِّية الشريعة بجامعة بغداد عام 1947م، وتخرَّج فيها عام 1952م.
♦ مارس التعليم في عدد من المدُن والنواحي: الفيصلية، الفَلُّوجة، عنه، الكوت، ثم عاد إلى سامَرَّاء عام 1957م.
♦ تولَّى إدارة ثانوية سامَرَّاء عام 1958م، ثم نُقل إلى البصرة للتدريس في مدرستها وفي دار المعلِّمين فيها.
♦ عُيِّن معيدًا في كلِّية الشريعة، ومحاضرًا في كلِّية الدراسات الإسلامية، بجامعة بغداد.
♦ نال شهادة الماجستير من كلِّية الشريعة بجامعة بغداد عام 1387هـ/ 1967م، عن أطروحته (أحكام المرتدِّ في الشريعة الإسلامية) بإشراف الشيخ المصري محمد عبد الرحيم الكشكي أستاذ الشريعة بمعهد الدراسات الإسلامية العليا ببغداد. وتألفت لجنة لمناقشة من الأساتذة: د. عبد العزيز الدوري رئيس جامعة بغداد، ومحمد شفيق العاني رئيس محكمة تمييز العراق، والسيد محمد تقي الحكيم عميد كلِّية الفقه بالنجف، وعبد المقصود شلتوت الأستاذ بكلِّية الشريعة ببغداد، ود. صلاح الدين الناهي الأستاذ بكلِّية الحقوق ببغداد.
♦ هاجر إلى الرياض عام 1388هـ/ 1968م.
♦ نال شهادة الدكتوراه من كلِّية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1392هـ/ 1972م، عن أطروحته (تصرُّفات المريض مرضَ الموت في الشريعة والقانون)، بإشراف الشيخ محمد علي السايس، ومن أعضاء لجنة المناقشة الشيخ عبد العظيم عبد الفتاح معاني.
♦ درَّس في الرياض في كلِّية قوى الأمن، وفي جامعتَي الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والملك سعود قرابة 35 سنة، من عام 1388هـ/ 1968م إلى 1422هـ/ 2001م.
♦ قدَّم أحاديثَ في إذاعة بغداد، ثم في إذاعة الرياض مشاركًا في برنامج (يا أخي المسلم)، وعندما أُنشئت إذاعةُ القرآن الكريم عام 1393هـ/ 1973م كان من أوائل من قدَّم برامجَ وأحاديثَ فيها.
♦ هو عضو مؤسِّس لجمعية الكتَّاب والمؤلفين العراقية، وعضو جمعية التربية الإسلامية في العراق، وعضو اللجنة الفرعية لجائزة الأمير نايف العالمية للسنَّة النبوية.
♦ أسهم في عدد من المشاريع العلمية والموسوعات، منها: الموسوعة الفقهية الكويتية، وموسوعة الكتاب العالمي، وموسوعة دار الإيمان بجُدَّة.
♦ شارك في النشاط الدعوي في إفريقيا، وأسهم في المسح الإسلامي الدعوي، وتقويم المدارس العربية والإسلامية فيها، بتكليف من جامعة الإمام.
♦ كان له نشاطٌ حزبي إسلامي وسياسي في العراق، ثم تفرَّغ للنشاط العلمي والفكري والثقافي بعد إقامته في السعودية.
♦ توفي في الرياض يوم الخميس 20 من ربيع الآخِر 1443هـ (25/ 11/ 2021م).
تصحيح تاريخ ولادته:
على اهتمام الشيخ بالتاريخ العامِّ، لم يكن مهتمًّا بتاريخه الشخصي؛ لانشغاله بما كان يراه أهمَّ وأولى من شؤون العلم والدعوة، وقضايا الأمَّة العامَّة، ومن ذلك أنه لم يكن معنيًّا بضبط تاريخ مولده بدقة؛ فكنت سألتُه قديمًا عنه فأجاب بأنه ولد عام 1935م، وهو التاريخُ الذي ذكره كثيرٌ ممن ترجم له. وكان أخبرَ في لقائه ببرنامج (حديث الذكريات) أنه من مواليد سنة 1934 أو 1935م!
لكنَّ زوجته الفاضلة الخالة أم منذر ذكرت لي أن هذا التاريخَ الشائع لولادته عام 1935م هو خطأ مَحض، وأن التاريخ المدوَّنَ في جواز سفره وأوراقه الرسميَّة هو 1918م وهو خطأ صُراح أيضًا، والصواب المؤكَّد هو أنه ولد عام 1928م، وقد تيقَّنَت من التاريخ الصحيح بسؤال أقربائه المقرَّبين في العراق، ومنهم ابنُ عمٍّ له يكبُره بسنتين (من مواليد 1926م).
وهذا ما يتَّسقُ مع كثير من الحوادث التاريخية التي شهدها ودوَّنها في ذكرياته، وهو المناسبُ أيضًا لتاريخ انتسابه إلى كلِّية الشريعة ببغداد عام 1947م؛ فلو كان من مواليد 1935م لكان في الثانيةَ عشرةَ من عمره يوم التحاقه بالكلِّية، ولو كان من مواليد 1918م لكان في التاسعة والعشرين من عمره يومئذٍ، وكلاهما بعيدٌ جدًّا! والله أعلم.
♦♦♦♦♦
آثاره ومصنَّفاته:
خلَّف الشيخ آثارًا علمية وفكرية نافعة، من أشهرها:
• (أحكام المرتدِّ في الشريعة الإسلامية) الطبعة الأولى الناشر دار العربية ببيروت، والمكتب الإسلامي بدمشق وبيروت، 1387هـ/ 1968م، ساعدت جامعة بغداد على طبعه، في 392 صفحة. الطبعة الثانية الناشر دار العلوم بالرياض، 1403هـ/ 1983م. تُرجم إلى التركية ونشر عام 1392هـ.
• (تصرُّفات المريض مرضَ الموت في الشريعة والقانون) الناشر دار العلوم بالرياض، 1404هـ/ 1984م، في 367 صفحة.
• (العَلاقة بين الدين والعلم) الناشر مكتبة المعارف بالرياض، 1404هـ/ 1984م.
• (مباحث في الثقافة الإسلامية) الناشر مكتبة المعارف بالرياض، 1404هـ/ 1984م، في 232 صفحة.
• (التكفير جذوره، أسبابه، مبرِّراته) الناشر دار المنارة بجُدَّة، 1406هـ/ 1986م، في 214 صفحة.
• (في التفسير الإسلامي للتاريخ) الناشر مكتبة المعارف بالرياض، 1406هـ/ 1986م، في 144 صفحة.
• (في الحضارة وأمراضها والتقدُّم والتخلُّف) الناشر مكتبة المعارف بالرياض، 1408هـ/ 1988م، 136 صفحة.
• (الفكر العربي والفكر الاستشراقي بين محمد أركون وإدوارد سعيد) الناشر دار صبري بالرياض، 1409هـ/ 1989م، في 160 صفحة.
• (تفسير التاريخ) الناشر مكتبة المعارف بالرياض، 1414هـ/ 1993م، في 243 صفحة.
• (العفن السياسي) الناشر دار المنارة بجُدَّة، 1414هـ/ 1993م، في 334 صفحة.
• (الصحوة الإسلامية في عيون مختلفة) الناشر دار المنارة بجُدَّة، 1414هـ/ 1993م، في 92 صفحة.
• (الماسونية واليهود والتوراة) الناشر دار الحكمة بلندن، 1415هـ/ 1994م، في 166 صفحة.
• (نحن والصديق اللدود، دراسة تحليلية للفكر الغربي وموقفه من الإسلام) الناشر دار الحكمة بلندن، 1417هـ/ 1996م، في 185 صفحة.
• (إسرائيل الخطر والمخادعة) الناشر مؤسسة الرسالة ببيروت، 1418هـ/ 1998م، في 160 صفحة.
• (مدخل إلى الثقافة الإسلامية) بالاشتراك مع د. سعود بن سلمان بن محمد آل سعود، الناشر مؤسسة الرسالة ببيروت، 1419هـ/ 1998م، في 194 صفحة.
• (اليهود والتحالف مع الأقوياء) الناشر دار الحكمة بلندن، ط2، 1419هـ/ 1999م، في 174 صفحة.
• (في أعماق التجرِبة اليابانية) الناشر دار الحكمة بلندن، 1421هـ/ 2000م، في 151 صفحة.
• (أحلام لاجئ من مخيَّم الشاطئ) الناشر المؤلف الرياض، 1422هـ/ 2001م، في 120 صفحة.
• (النظام السياسي في الإسلام) الناشر المؤلف الرياض، ط2، 1422هـ/ 2001م، في 226 صفحة.
• (نحن والحضارة والشهود) الناشر كتاب الأمَّة، وِزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر، 1422هـ/ 2001م، في 147 صفحة.
• (التكفير قديمًا وحديثًا، التكفير عند شيخ الإسلام) الناشر المؤلف الرياض، 1424هـ/ 2003م، في 158 صفحة.
• (قراءة في نصوص مختارة) الناشر المؤلف، مطبعة أنوار دجلة ببغداد، 1424هـ/ 2003م، في 216 صفحة.
• (التوراة بين فِقدان الأصل وتناقض النص) الناشر دار الحكمة بلندن، ط2، 1424هـ/ 2003م، في 121 صفحة.
• (مذكِّرات) الناشر المؤلف الرياض، 1425هـ/ 2004م، في 311 صفحة.
• (الإسلام: عقيدة، عبادة، أخلاق، تشريع) الناشر المؤلف، مطبعة أنوار دجلة ببغداد، 1425هـ/ 2004م، في 656 صفحة.
• (قراءة في كتاب إظهار الإسلام لروجيه دوباسكويه) الناشر المؤلف الرياض، 1425هـ/ 2004م، في 173 صفحة.
• (مطابخ الكُره والعُنصرية) الناشر مؤسسة الرسالة ببيروت، 1426هـ/ 2005م، في 226 صفحة.
• (تفسير التاريخ اتجاهات ومدارس) الناشر المؤلف الرياض، 1427هـ/ 2006م، في 281 صفحة.
• (أمريكا والعراق، عشق دائم أم طلاق بائن) الناشر مكتبة العبيكان بالرياض، 1428هـ/ 2007م، في 304 صفحات.
• (لماذا ينجحون ونفشل؟) الناشر المؤلف الرياض، 1432هـ/ 2011م، في 288 صفحة.
• (الحياة تدافُع أم تصارُع) الناشر مكتبة العبيكان بالرياض، 1433هـ/ 2012م، في 368 صفحة.
• (قراءة في الديمقراطية، الجذور وإشكالية التطبيق، للدكتور محمد الأحمري) الناشر دار الأمَّة بالرياض، 1434هـ/ 2013م، في 480 صفحة.
• (حوار حول التراث والحداثة) الناشر كتاب الأمَّة، وِزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر، 1436هـ/ 2015م، في 180 صفحة.
• (قراءة في مِلفِّ الحضارة) الناشر معهد ليدز لدراسات الشرق الأوسط، بلا تاريخ، في 25 صفحة.
• (قراءة في النظام العالمي الجديد) الناشر دار الحكمة بلندن، في 123 صفحة.
• (الثوابت والمتغيِّرات).
وخلَّف عددًا من الكتب مخطوطة، أهمُّها:
• (موسوعة التكفير)
♦♦♦♦♦
أسرة الشيخ:
♦ تزوَّج الشيخ السيدةَ الفاضلة فائزة بنت عبد الله بن علي السَّقباني أم منذر في مطلع عام 1976م في الرياض، وهي دمشقية من حيِّ الصالحية، تخرَّجت في قسم اللغة العربية بكلِّية الآداب في جامعة دمشق عام 1963م، وحصلت على دبلوم في التربية في العام التالي. عملت في تدريس اللغة العربية في الشام، ومن طالباتها في (المعهد العربي الإسلامي) الأستاذةُ د. بيان الطنطاوي ابنة أديب الفقهاء الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، ومن طالباتها في (الثانوية الأولى للبنات) في حيِّ المَيدان الأستاذةُ الأديبة فاطمة صالح ابنة شيخنا العلامة الأصولي محمد أديب صالح رحمه الله.
ثم أُعيرت للرياسة العامَّة للتعليم في الرياض عام 1973م، فدرَّست في مدارسها 7 سنوات، ثم انتقلت إلى مدارس الرياض فعملت فيها قرابة 6 سنين، ثم انتقلت إلى مدارس نجد الأهلية (التي أسَّسها الرئيس رفيق الحريري) وتولَّت فيها الإشرافَ على تعليم اللغة العربية، إلى أن تقاعدت عام 2001م وهي سنةُ تقاعد زوجها أيضًا.
كان لها إسهام في تصحيح كتب الشيخ لغويًّا، وفي مراجعة تجارِب طباعتها، وقد شكرها في افتتاح كتابه (التكفير جذوره، أسبابه، مبرِّراته) بقوله: “أشكر زوجتي أم منذر فقد قامت بنسخ الكتاب ومتابعة حواشيه، مخافة أن يكون سقط منها شيء”. حفظها الله وبارك في عمرها وهمتها. وكتبت في رثاء زوجها كُليمةَ وفاء، ذكرَت فيها بعضَ مآثره وكريم خصاله، جزاها الله خيرًا. سأثبتها عقب كلمتي.
♦ وللشيخ منها ولدان:
منذر بن نعمان السامرائي: مهندسُ اتصالات في دبي، من مواليد آخر سنة 1976م.
ومحمد بن نعمان السامرائي: مهندسُ اتصالات أيضًا في الرياض، من مواليد سنة 1977م.
وكان تزوَّج الشيخ من قبلُ مرَّتين ولم يُرزق بأولاد؛ تزوَّج أولًا امرأة عراقية بقيت لديه عشر سنوات، ثم تزوَّج امرأةً مصرية بقيت لديه خمس سنوات.
♦♦♦♦♦
مرضه ووفاته:
بقي الشيخُ ممتَّعًا بهمَّته وذاكرته، وحضور ذهنه وبديهته، على تقدُّم سنِّه وتطاول شيخوخته، وقد ضاق ذَرعُه بالبقاء في البيت طويلًا بسبب ظروف الاحتراز من وباء كورونا، فاقترح عليه ولدُه الأخ محمد أن يستخرجَ له تأشيرةً لقضاء إجازة يروِّح فيها عن نفسه في داره بمدينة يَلَوا في تركيا، وذهبا يوم 11/ 11/ 2021م إلى السِّفارة التركية في الرياض وقدَّما طلبًا للحصول على التأشيرة. وعند عودته إلى داره ما إن دخلَ بيته حتى تعثَّر في مدخل المطبخ، وسقط أرضًا، فكُسرَت الفِقرةُ الرابعة في ظهره، ونُقل سريعًا إلى مستشفى دَلَّة، ولكن تعذَّر إجراءُ جِراحة له لتقدُّم سنِّه، وأوصاه الأطبَّاء أن يستلقيَ على ظهره مدَّة 3 أشهر متصلةً لا يتحرَّك فيها.
وهيَّأ ولداه له كلَّ ما يلزم لرعايته حقَّ الرعاية في بيته؛ من ممرِّضة وسرير طبِّي وعربة كهربائية، ولكنَّ الشيخ تأثَّر نفسيًّا بحاله، فعافَت نفسُه الطعام فلا يكاد يأكل شيئًا، وعاودَه حنينٌ مُمضٌّ إلى العراق وأحبابه هناك، وأظهر رغبتَه في نقل مكتبته إلى سامَرَّاء لينفعَ بها أهلَ مدينته. ولكن ما أسرعَ أن أصابه ضعفٌ وهُزال، ثم لم يلبث أن غاب عن الوعي في يوم الثلاثاء 23/ 11/ 2021م، فنُقل إلى مستشفى دَلَّة بسيارة إسعاف، وأُدخل العناية المشدَّدة، بيدَ أن قدرَ الله وقعَ؛ ففارقت روحُه بدنَه قُبيل أذان فجر الخميس 25/ 11/ 2021م، وفي عصر اليوم نفسه صُلِّيَ عليه في جامع البابطين في شماليِّ الرياض، ودُفن في مقبرة الشَّمال، تغمَّده الباري برحماته، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
كتبه: أبو أحمد المَيداني، أيمن بن أحمد ذو الغنى. عرض أقل