لقد حوى كتاب “سؤالات أبي داود لأحمد بن حنبل في جرح الرواة وتعديلهم” مادة غنية في جرح الرواة وتعديلهم، بل كاد لا يخرج بمضمونه عن هذا الجانب النقدي من علم الرجال. ولا شكّ أن لطول باع المصنِّف في الفنّ الذي صنَّف فيه كتابه دورًا واضحًا في دقة التعامل مع الموضوع الذي يعالجه. ثم إنّ عدالة المصنِّف هي الأساس الأول الذي ينبني عليه قبول أقواله نقدًا وتصنيفًا، وذلك لأن مَن كان ضعيفًا في نفسه لا يقبل كلامه في غيره عند أئمة هذا الشأن. وقد وضع العلماء شروطًا لقبول كلام الناقد جرحًا وتعديلًا، فقالوا: لا بد من أن يكون عدلًا متيقظًا، عالمًا بأسباب الجرح والتعديل، غير متعصب ولا صاحب هوى، وإلا فلا. وإذا كان الإمام أحمد، قد اجتمعت فيه هذه الشروط، إلى جانب إمامته في الفقه وفروعه، والحديث وعلله، فإن تلميذه أبا داود قد ارتشف من علم شيخه، واقتفى أثره حتى لحق به. فكانت مادة هذا الكتاب تدور بين إمامين جهبذين اعتبرهما العلماء والمحققون من كبار أئمة النقد المعتدلين.
اضغط على إحدى أسماء أدوار النشر التالية لعرض روابط القراءة والتحميل الخاصة بها: