وضع الإمام أحمد هذا المسنَد ليكون مرجعًا للمسلمين وإمامًا وجعله مرتبًا على أسماء الصحابة الذين يروون الأحاديث كما هي طريقة المسانيد، فجاء كتابًا حافلًا كبير الحجم، يبلغ عدد أحاديثه أربعين ألفًا تقريبًا، تكرر منها عشرة آلاف حديث ومن أحاديثه ثلاثمائة حديث ثلاثية الإسناد -أي بين راويها وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رواة-. وقد رتب كتابه على المسانيد فجعل مرويات كل صحابي في موضع واحد، وعدد الصحابة الذين لهم مسانيد في مسند الإمام أحمد 904 صحابي. كان الإمام أحمد يحفظ ألف ألف حديث عن ظهر قلب، وقد انتقى المسند من هذا العدد الهائل من محفوظه، ولم يدخل فيه إلاَّ ما يحتج به، وبالغ بعضهم، فأطلق أن جميع ما فيه صحيح، وقد زعم بعض العلماء أن بعض الأحاديث فيه موضوعة، قال بعضهم هي تسعة أحاديث، وقال آخرون هي خمسة عشر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب منهاج السنة: “شرط أحمد في المسند أنه لا يروي عن المعروفين بالكذب عندهم، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف.. إلى أن قال: زاد ابن الإمام زيادات على المسند ضمت إليه، وكذلك زاد القطيعي وفي تلك الزيادات كثير من الأحاديث الموضوعات، فظن من لا علم عنده أن ذلك من رواية الإمام أحمد في مسنده”. وقد ألف الحافظ ابن حجر كتابًا سماه “القول المسدد في الذب عن المسند” حقق فيه نفي الوضع عن أحاديث المسند وظهر من بحثه أن غالبها جياد وأنه لا يتأتى القطع بالوضع في شيء منها بل ولا الحكم بكون واحد منها موضوعًا إلا الفرد النادر مع الاحتمال القوي في دفع ذلك. وقال السيوطي في خطبة كتابه الجامع الكبير ما لفظه: “وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف فيه يقرب من الحسن”.
اضغط على إحدى أسماء أدوار النشر التالية لعرض روابط القراءة والتحميل الخاصة بها: